تعريف التعزير ، والفرق بينه وبين الحدود والقصاص والكفارات
أولاً : تعريف التعزير :
التعزير لغة : مصدر عزر من العزر ، وهو الرد والمنع ، ويقال : عزر أخاه بمعنى : نصره ، لأنه منع عدوه من أن يؤذيه ، ويقال : عزرته بمعنى : وقرته ، وأيضا : أدبته ، فهو من أسماء الأضداد . وسميت العقوبة تعزيرا ، لأن من شأنها أن تدفع الجاني وترده عن ارتكاب الجرائم ، أو العودة إليها.
وفي الاصطلاح : هو عقوبة غير مقدرة شرعا ، تجب حقا لله ، أو لآدمي ، في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالبا .
-----------------
ثانياً: الفروق بين التعازير والحدود والقصاص والكفارات :
يختلف التعزير عن الحد والقصاص والكفارة من وجوه منها :
1) في الحدود والقصاص ، إذا ثبتت الجريمة الموجبة لهما لدى القاضي شرعا ، فإن عليه الحكم بالحد أو القصاص على حسب الأحوال ، وليس له اختيار في العقوبة ، بل هو يطبق العقوبة المنصوص عليها شرعا بدون زيادة أو نقص ، ولا يحكم بالقصاص إذا عفي عنه ، وله هنا التعزير .
ومرد ذلك : أن القصاص حق للأفراد ، بخلاف الحد .
وفي التعزير : يختار القاضي من العقوبات الشرعية ما يناسب الحال ، فيجب على الذين لهم سلطة التعزير
الاجتهاد في اختيار الأصلح ، لاختلاف ذلك باختلاف مراتب الناس ، وباختلاف المعاصي .
2) إقامة الحد الواجب لحق الله لا عفو فيه ولا شفاعة ولا إسقاط ، إذا وصل الأمر للحاكم ، وثبت بالبينة ، وكذلك القصاص إذا لم يعف صاحب الحق فيه .
والتعزير إذا كان من حق الله تعالى تجب إقامته ، ويجوز فيه العفو والشفاعة إن كان في ذلك مصلحة ، أو
انزجر الجاني بدونه ، وإذا كان من حق الفرد فله تركه العفو وبغيره ، وهو يتوقف على الدعوى ، وإذا طالب صاحبه لا يكون لولي الأمر عفو ولا شفاعة ولا إسقاط .
3) إثبات الحدود والقصاص عند الجمهور لا يثبت إلا بالبينة أو الاعتراف ، بشروط خاصة . وعلى سبيل المثال : لا يؤخذ فيه بأقوال اﻟﻤﺠني عليه كشاهد ، ولا بالشهادة السماعية ، ولا باليمين ، ولا بشهادة النساء .
أما التعزير فيثبت بذلك ، وبغيره .
4) لا خلاف بين الفقهاء أن من حده الإمام فمات من ذلك فدمه هدر ، لأن الإمام مأمور بإقامة الحد ،
وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة .
أما التعزير فقد اختلفوا فيه ، فعند الحنفية والمالكية والحنابلة : الحكم كذلك في التعزير ، أما عند الشافعية :
فالتعزير موجب للضمان ، وقد استدلوا على ذلك بفعل عمر رضي الله عنه ، إذ أرهب امرأة ففزعت فزعا ،
فدفعت الفزعة في رحمها ، فتحرك ولدها ، فخرجت ، فأخذها المخاض ، فألقت غلاما جنينا ، فأتي عمر رضي الله عنه بذلك ، فأرسل إلى المهاجرين فقص عليهم أمرها ، فقال : ما ترون ؟ فقالوا : ما نرى عليك شيئا يا أمير المؤمنين ، إنما أنت معلم ومؤدب ، وفي القوم علي رضي الله عنه ، وعلي ساكت . قال : فما تقول : أنت يا أبا الحسن قال : أقول : إن كانوا قاربوك في الهوى فقد أثموا ، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا ، وأرى عليك الدية يا أمير المؤمنين ، قال : صدقت ، اذهب فاقسمها على قومك .
أما من يتحمل الدية في النهاية ، فقيل : إنما تكون على عاقلة ولي الأمر . وقيل : إا تكون في بيت المال .
5) إن الحدود تدرأ بالشبهات ، بخلاف التعزير ، فإنه يثبت بالشبهة .
6) يجوز الرجوع في الحدود إن ثبتت بالإقرار ، أما التعزير فلا يؤثر فيه الرجوع .
7) إن الحد لا يجب على الصغير ، ويجوز تعزيره .
إن الحد قد يسقط بالتقادم عند بعض الفقهاء ، بخلاف التعزير .
9) الحدود يجب على الإمام إقامتها ، أما التعازير ، قد حصل الخلاف في التعزير هل هو واجب على ولي الأمر أم لا ؟
فمالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد قالوا بوجوب التعزير فيما شرع فيه .
وقال الشافعي : إنه ليس بواجب ، استنادا إلى: ( أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم : إني لقيت امرأة فأصبت منها دون أن أطأها . فقال صلى الله عليه وسلم: { أصليت معنا }؟ قال نعم : فتلا عليه آية : {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} . وإلى قوله صلى الله عليه وسلم في الأنصار: {اقبلوا من محسنهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم } وإلى: {أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم في حكم حكم به للزبير لم يرقه : إن كان ابن عمتك ، فغضب . ولم ينقل أنه عزره .
---------------
ثالثاً: حكمة التشريع :
التعزير مشروع لردع الجاني وزجره ، وإصلاحه وﺗﻬذيبه .
قال الزيلعي : إن الغرض من التعزير الزجر . وسمى التعزيرات : بالزواجر غير المقدرة .
والزجر معناه : منع الجاني من معاودة الجريمة ، ومنع غيره من ارتكاﺑﻬا ، ومن ترك الواجبات ، كترك الصلاة والمماطلة في أداء حقوق الناس .
أما الإصلاح والتهذيب : فهما من مقاصد التعزير ، وقد بين ذلك الزيلعي بقوله : التعزير للتأديب .
ومثله تصريح الماوردي وابن فرحون بأن : التعزير تأديب استصلاح وزجر .
وقال الفقهاء : إن الحبس غير المحدد المدة حده التوبة وصلاح حال الجاني .
وقالوا : إن التعزير شرع للتطهير :لأن ذلك سبيل لإصلاح الجاني .
وقالوا : الزواجر غير المقدرة محتاج إليها ، لدفع الفساد كالحدود . وليس التعزير للتعذيب ، أو إهدار الآدمية ، أو الإتلاف ، حيث لا يكون ذلك واجبا .
وفي ذلك يقول الزيلعي : التعزير للتأديب ، ولا يجوز الإتلاف ، وفعله مقيد بشرط السلامة . ويقول ابن
فرحون : التعزير إنما يجوز منه ما أمنت عاقبته غالبا ، وإلا لم يجز.
ويقول البهوتي : لا يجوز قطع شيء ممن وجب عليه التعزير ، ولا جرحه ، لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك، عن أحد يقتدى به، ولأن الواجب أدب ، والأدب لا يكون بالإتلاف ، وكل ضرب يؤدي إلى الإتلاف ممنوع ، سواء أكان هذا الاحتمال ناشئا من آلة الضرب ، أم من حالة الجاني نفسه ، أم من موضع الضرب .
وتفريعا على ذلك : منع الفقهاء الضرب في المواضع التي قد يؤدي فيها إلى الإتلاف. ، ولذلك فالراجح : أن الضرب على الوجه والفرج والبطن والصدر ممنوع .
وعلى الأساس المتقدم منع جمهور الفقهاء في التعزير :
الصفع ، وحلق اللحية ، وتسويد الوجه ، وإن كان البعض قال به في شهادة الزور .
قال الأسروشني : لا يباح التعزير بالصفع لأنه من أعلى ما يكون من الاستخفاف .[b]
أولاً : تعريف التعزير :
التعزير لغة : مصدر عزر من العزر ، وهو الرد والمنع ، ويقال : عزر أخاه بمعنى : نصره ، لأنه منع عدوه من أن يؤذيه ، ويقال : عزرته بمعنى : وقرته ، وأيضا : أدبته ، فهو من أسماء الأضداد . وسميت العقوبة تعزيرا ، لأن من شأنها أن تدفع الجاني وترده عن ارتكاب الجرائم ، أو العودة إليها.
وفي الاصطلاح : هو عقوبة غير مقدرة شرعا ، تجب حقا لله ، أو لآدمي ، في كل معصية ليس فيها حد ولا كفارة غالبا .
-----------------
ثانياً: الفروق بين التعازير والحدود والقصاص والكفارات :
يختلف التعزير عن الحد والقصاص والكفارة من وجوه منها :
1) في الحدود والقصاص ، إذا ثبتت الجريمة الموجبة لهما لدى القاضي شرعا ، فإن عليه الحكم بالحد أو القصاص على حسب الأحوال ، وليس له اختيار في العقوبة ، بل هو يطبق العقوبة المنصوص عليها شرعا بدون زيادة أو نقص ، ولا يحكم بالقصاص إذا عفي عنه ، وله هنا التعزير .
ومرد ذلك : أن القصاص حق للأفراد ، بخلاف الحد .
وفي التعزير : يختار القاضي من العقوبات الشرعية ما يناسب الحال ، فيجب على الذين لهم سلطة التعزير
الاجتهاد في اختيار الأصلح ، لاختلاف ذلك باختلاف مراتب الناس ، وباختلاف المعاصي .
2) إقامة الحد الواجب لحق الله لا عفو فيه ولا شفاعة ولا إسقاط ، إذا وصل الأمر للحاكم ، وثبت بالبينة ، وكذلك القصاص إذا لم يعف صاحب الحق فيه .
والتعزير إذا كان من حق الله تعالى تجب إقامته ، ويجوز فيه العفو والشفاعة إن كان في ذلك مصلحة ، أو
انزجر الجاني بدونه ، وإذا كان من حق الفرد فله تركه العفو وبغيره ، وهو يتوقف على الدعوى ، وإذا طالب صاحبه لا يكون لولي الأمر عفو ولا شفاعة ولا إسقاط .
3) إثبات الحدود والقصاص عند الجمهور لا يثبت إلا بالبينة أو الاعتراف ، بشروط خاصة . وعلى سبيل المثال : لا يؤخذ فيه بأقوال اﻟﻤﺠني عليه كشاهد ، ولا بالشهادة السماعية ، ولا باليمين ، ولا بشهادة النساء .
أما التعزير فيثبت بذلك ، وبغيره .
4) لا خلاف بين الفقهاء أن من حده الإمام فمات من ذلك فدمه هدر ، لأن الإمام مأمور بإقامة الحد ،
وفعل المأمور لا يتقيد بشرط السلامة .
أما التعزير فقد اختلفوا فيه ، فعند الحنفية والمالكية والحنابلة : الحكم كذلك في التعزير ، أما عند الشافعية :
فالتعزير موجب للضمان ، وقد استدلوا على ذلك بفعل عمر رضي الله عنه ، إذ أرهب امرأة ففزعت فزعا ،
فدفعت الفزعة في رحمها ، فتحرك ولدها ، فخرجت ، فأخذها المخاض ، فألقت غلاما جنينا ، فأتي عمر رضي الله عنه بذلك ، فأرسل إلى المهاجرين فقص عليهم أمرها ، فقال : ما ترون ؟ فقالوا : ما نرى عليك شيئا يا أمير المؤمنين ، إنما أنت معلم ومؤدب ، وفي القوم علي رضي الله عنه ، وعلي ساكت . قال : فما تقول : أنت يا أبا الحسن قال : أقول : إن كانوا قاربوك في الهوى فقد أثموا ، وإن كان هذا جهد رأيهم فقد أخطئوا ، وأرى عليك الدية يا أمير المؤمنين ، قال : صدقت ، اذهب فاقسمها على قومك .
أما من يتحمل الدية في النهاية ، فقيل : إنما تكون على عاقلة ولي الأمر . وقيل : إا تكون في بيت المال .
5) إن الحدود تدرأ بالشبهات ، بخلاف التعزير ، فإنه يثبت بالشبهة .
6) يجوز الرجوع في الحدود إن ثبتت بالإقرار ، أما التعزير فلا يؤثر فيه الرجوع .
7) إن الحد لا يجب على الصغير ، ويجوز تعزيره .
إن الحد قد يسقط بالتقادم عند بعض الفقهاء ، بخلاف التعزير .
9) الحدود يجب على الإمام إقامتها ، أما التعازير ، قد حصل الخلاف في التعزير هل هو واجب على ولي الأمر أم لا ؟
فمالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد قالوا بوجوب التعزير فيما شرع فيه .
وقال الشافعي : إنه ليس بواجب ، استنادا إلى: ( أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم : إني لقيت امرأة فأصبت منها دون أن أطأها . فقال صلى الله عليه وسلم: { أصليت معنا }؟ قال نعم : فتلا عليه آية : {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات} . وإلى قوله صلى الله عليه وسلم في الأنصار: {اقبلوا من محسنهم ، وتجاوزوا عن مسيئهم } وإلى: {أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وسلم في حكم حكم به للزبير لم يرقه : إن كان ابن عمتك ، فغضب . ولم ينقل أنه عزره .
---------------
ثالثاً: حكمة التشريع :
التعزير مشروع لردع الجاني وزجره ، وإصلاحه وﺗﻬذيبه .
قال الزيلعي : إن الغرض من التعزير الزجر . وسمى التعزيرات : بالزواجر غير المقدرة .
والزجر معناه : منع الجاني من معاودة الجريمة ، ومنع غيره من ارتكاﺑﻬا ، ومن ترك الواجبات ، كترك الصلاة والمماطلة في أداء حقوق الناس .
أما الإصلاح والتهذيب : فهما من مقاصد التعزير ، وقد بين ذلك الزيلعي بقوله : التعزير للتأديب .
ومثله تصريح الماوردي وابن فرحون بأن : التعزير تأديب استصلاح وزجر .
وقال الفقهاء : إن الحبس غير المحدد المدة حده التوبة وصلاح حال الجاني .
وقالوا : إن التعزير شرع للتطهير :لأن ذلك سبيل لإصلاح الجاني .
وقالوا : الزواجر غير المقدرة محتاج إليها ، لدفع الفساد كالحدود . وليس التعزير للتعذيب ، أو إهدار الآدمية ، أو الإتلاف ، حيث لا يكون ذلك واجبا .
وفي ذلك يقول الزيلعي : التعزير للتأديب ، ولا يجوز الإتلاف ، وفعله مقيد بشرط السلامة . ويقول ابن
فرحون : التعزير إنما يجوز منه ما أمنت عاقبته غالبا ، وإلا لم يجز.
ويقول البهوتي : لا يجوز قطع شيء ممن وجب عليه التعزير ، ولا جرحه ، لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك، عن أحد يقتدى به، ولأن الواجب أدب ، والأدب لا يكون بالإتلاف ، وكل ضرب يؤدي إلى الإتلاف ممنوع ، سواء أكان هذا الاحتمال ناشئا من آلة الضرب ، أم من حالة الجاني نفسه ، أم من موضع الضرب .
وتفريعا على ذلك : منع الفقهاء الضرب في المواضع التي قد يؤدي فيها إلى الإتلاف. ، ولذلك فالراجح : أن الضرب على الوجه والفرج والبطن والصدر ممنوع .
وعلى الأساس المتقدم منع جمهور الفقهاء في التعزير :
الصفع ، وحلق اللحية ، وتسويد الوجه ، وإن كان البعض قال به في شهادة الزور .
قال الأسروشني : لا يباح التعزير بالصفع لأنه من أعلى ما يكون من الاستخفاف .[b]