(أثر الواجب المنزلي في تعزيز التعلم لدى الطلاب)
كتبه: روبرت مارزانو
ترجمه: عمر خليفة – مكتب التربية
يعرف الواجب المنزلي بأنه مهمة يطلب المعلم من الطلاب أداءها خارج ساعات المدرسة، ويقدم كوبر روبنسون عرضاً شاملاً ومختصراً لتاريخ الواجبات المنزلية حيث أوضح أن نظرة الباحثين تجاه الواجب المنزلي كانت متقلبة على مر السنين، مضيفاً أن الاعتقاد الذي كان سائداً قبل القرن العشرين وحتى العقود الأولى منه هو أن الواجب المنزلي يساعد على صنع العقل المنضبط، ولكن وبحلول العام 1940 نشأ رد فعل قوي ضد الواجب المنزلي بسبب تزايد القلق من أن يتدخل ويؤثر في الأعمال والأنشطة المنزلية الأخرى. وقد تم دحض هذا الاتجاه في أواخر الخمسينات من القرن الماضي عندما أطلق السوفييت قمرهم الصناعي أسبوتنك ، فأصاب الأمريكيين قلقٌ من أن نظامهم التعليمي يفتقر إلى الدقة والصرامة فأصبحوا ينظرون إلى الواجبات المنزلية باعتبارها حلاً جزئياً للمشكلة.
إن أحد أكثر الآراء الشائعة المؤيدة للواجبات المنزلية هي أنها تزيد من فرص التعليم بعد انتهاء الواجب المنزلي وقد يكون لهذا المنطلق ميزة في النظام التعليمي في الولايات المتحدة، لأن المدرسة هناك لا تحتل سوى 13% من ساعات اليقظة في الثمانية عشرة سنة الأولى من عمر الطالب، وهي أقل من المدة التي يقضيها الطالب في مشاهدة التلفاز. ومع بعض الاستثناءات النادرة فقد وجد أن العلاقة بين كمية الواجب المنزلي الذي يؤديه الطالب ونتيجة تحصيله دائماً تكون علاقة إيجابية وذات أهمية إحصائية، ولذلك فإننا نعتقد أنه لن يكون من الحكمة على أساس هذه الأدلة أن نستنتج أن الواجبات المنزلية تعيق التحصيل الأكاديمي للطلاب.
تبين بعض الدراسات والبحوث أن للواجبات المنزلية أثراً ضئيلاً في الصفوف والمستويات الدنيا. وقد ذكر الباحث كوبر أنه ما يزال يقترح الواجبات المنزلية في المرحلة الابتدائية قائلاً: إنني أقترح بأن يعطى التلاميذ في المرحلة الابتدائية واجبات منزلية حتى ولو لم يكن يتوقع منها تحسين الأداء في الاختبارات فهي تساعدهم في تطوير عاداتهم التعليمية وتعزز مواقفهم تجاه المدرسة بشكل إيجابي.
حجم الواجبات المنزلية لكل مستوى دراسي:
إن واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل تكمن في حجم الوقت الذي ينبغي أن ينفقه الطلاب في أداء الواجبات المنزلية. وتشير تقارير عدة إلى أنها تكون ذات فائدة بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية إذا استغرقت ما بين ساعة إلى ساعتين في الليلة الواحدة، أما إن زادت على ذلك فإن فائدتها تبدأ في التناقص. نفس هذه النتائج توصل إليها عددٌ من الباحثين في بعض الدراسات حيث ذكروا أن ما بين 7 إلى 12 ساعة من الواجب المنزلي في الأسبوع تنتج أثراً إيجابياً أكبر وبعد ذلك تتناقص الفائدة. واقترح باحثون آخرون ما مقداره عشر دقائق في الليلة لكل مستوى دراسي، وهذا يعني أن يكون لطلاب المستوى الأول عشر دقائق من الواجب المنزلي في الليلة لجميع المواد بينما يكون لطلاب المستوى الثاني عشرون دقيقة وطلاب المستوى الثالث ثلاثون دقيقة وهكذا..
وقد نبه الباحث غوود بروفي إلى أن كمية الواجب المنزلي المحدد في الليلة الواحدة ينبغي ألا يكون مبالغاً فيها، وهذا بالطبع يتطلب التنسيق فيما بين المعلمين لأن القدر الكبير منها قد يقلل من فعاليتها ويجعلها عديمة الفائدة.
مشاركة الآباء في الواجب المنزلي:
هناك نقطة أخرى تثير الكثير من النقاش وهي المدى الذي ينبغي أن يشارك فيه الآباء في هذه الواجبات، حيث أظهرت بعض الدراسات آثاراً قليلة جداً بل سالبة في بعض الأحايين لمشاركة الآباء في الواجبات المنزلية. وأقر العديد من الآباء بأنهم يساعدون أبناءهم في أداء الواجبات المنزلية رغم أنهم يشعرون بأنهم غير مهيئين لذلك وأن تدخلهم المتلاحق مع أبنائهم كثيراً ما يتسبب في إحداث ضغوط شديدة
وبناءً على سلسلة من الدراسات التي تهدف إلى تحديد الظروف التي يكون فيها لمشاركة الآباء في الواجبات المنزلية أثر إيجابي، تؤيد إيستين وبيكر وفان فورس فكرة الواجب المنزلي التفاعلي التي من ملامحه وخصائصه العامة أن يزود المعلمون أولياء الأمور بخطوط ومبادئ توجيهية عامة واضحة، كدور لهم، وألا يتوقع من الآباء أن يتصرفوا كخبراء فيما يتعلق بالمحتوى الدراسي، وأن يطرح الآباء أسئلة توضيحية تساعد الطلاب على تلخيص ما تعلموه. مثل هذه الأمور تؤدي إلى أن يصبح الطلاب - وآباؤهم - أكثر التصاقاً بالمناقشات التي تتعلق بالمنهج الدراسي وبالتالي توسع من نطاق التعلم لدى الطلاب. علاوة على ذلك من المفترض أن تكون هذه المناقشات حقيقية وليست مجرد مهام رسمية قائمة على الواجبات التعليمية، وأن يشعر كل من الآباء والطلاب أن هذه التجارب ممتعة ولا تشكل هاجساً بالنسبة إليهم.
خلاصة:
ليس من الحكمة أبداً أن نخلص إلى أن الواجب المنزلي يؤدي إلى تدهور التحصيل الطلابي، ولكن ينبغي كما ذكرنا أن تراعى بعض الجوانب المهمة التي منها:
� كلما كان الطالب صغيراً ، حدد له واجباً منزلياً أقل.
� ينبغي ألا يشكل مقدار الواجب المنزلي المحدد عبئاً على الطالب أو ولي الأمر.
� ينبغي أن يكون للواجب المنزلي غرض وهدف تعليمي واضح، وأن يكون لكل وحدة دراسية عدد قليل من الأهداف التعليمية الواضحة، وأن يكون كل واجب منزلي مرتبطاً بشكلٍ مباشر وصريحٍ بتلك الأهداف التعليمية.
� لا ينبغي أن تخصص الواجبات كعقوبة للطالب أو توضع كي تظهر المدرسة نفسها لعامة الجمهور أنها مكان جاد للدراسة.
� ينبغي أن تصمم الواجبات المدرسية بحيث يستطيع الطالب أداءها بشكل مستقل، ونقصد بذلك أن يؤدي الطلاب واجباتهم المنزلية دون مساعدة المعلم أو إشرافه المباشر عليها.
� ينبغي أن تشمل الواجبات المنزلية الآباء وأولياء الأمور بطرق ملائمة، وهذا يعني عملياً أن يزود الآباء بالمبادئ التوجيهية فيما يتعلق بكيفية المساعدة في الواجبات المنزلية..
كتبه: روبرت مارزانو
ترجمه: عمر خليفة – مكتب التربية
يعرف الواجب المنزلي بأنه مهمة يطلب المعلم من الطلاب أداءها خارج ساعات المدرسة، ويقدم كوبر روبنسون عرضاً شاملاً ومختصراً لتاريخ الواجبات المنزلية حيث أوضح أن نظرة الباحثين تجاه الواجب المنزلي كانت متقلبة على مر السنين، مضيفاً أن الاعتقاد الذي كان سائداً قبل القرن العشرين وحتى العقود الأولى منه هو أن الواجب المنزلي يساعد على صنع العقل المنضبط، ولكن وبحلول العام 1940 نشأ رد فعل قوي ضد الواجب المنزلي بسبب تزايد القلق من أن يتدخل ويؤثر في الأعمال والأنشطة المنزلية الأخرى. وقد تم دحض هذا الاتجاه في أواخر الخمسينات من القرن الماضي عندما أطلق السوفييت قمرهم الصناعي أسبوتنك ، فأصاب الأمريكيين قلقٌ من أن نظامهم التعليمي يفتقر إلى الدقة والصرامة فأصبحوا ينظرون إلى الواجبات المنزلية باعتبارها حلاً جزئياً للمشكلة.
إن أحد أكثر الآراء الشائعة المؤيدة للواجبات المنزلية هي أنها تزيد من فرص التعليم بعد انتهاء الواجب المنزلي وقد يكون لهذا المنطلق ميزة في النظام التعليمي في الولايات المتحدة، لأن المدرسة هناك لا تحتل سوى 13% من ساعات اليقظة في الثمانية عشرة سنة الأولى من عمر الطالب، وهي أقل من المدة التي يقضيها الطالب في مشاهدة التلفاز. ومع بعض الاستثناءات النادرة فقد وجد أن العلاقة بين كمية الواجب المنزلي الذي يؤديه الطالب ونتيجة تحصيله دائماً تكون علاقة إيجابية وذات أهمية إحصائية، ولذلك فإننا نعتقد أنه لن يكون من الحكمة على أساس هذه الأدلة أن نستنتج أن الواجبات المنزلية تعيق التحصيل الأكاديمي للطلاب.
تبين بعض الدراسات والبحوث أن للواجبات المنزلية أثراً ضئيلاً في الصفوف والمستويات الدنيا. وقد ذكر الباحث كوبر أنه ما يزال يقترح الواجبات المنزلية في المرحلة الابتدائية قائلاً: إنني أقترح بأن يعطى التلاميذ في المرحلة الابتدائية واجبات منزلية حتى ولو لم يكن يتوقع منها تحسين الأداء في الاختبارات فهي تساعدهم في تطوير عاداتهم التعليمية وتعزز مواقفهم تجاه المدرسة بشكل إيجابي.
حجم الواجبات المنزلية لكل مستوى دراسي:
إن واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل تكمن في حجم الوقت الذي ينبغي أن ينفقه الطلاب في أداء الواجبات المنزلية. وتشير تقارير عدة إلى أنها تكون ذات فائدة بالنسبة لطلاب المرحلة الثانوية إذا استغرقت ما بين ساعة إلى ساعتين في الليلة الواحدة، أما إن زادت على ذلك فإن فائدتها تبدأ في التناقص. نفس هذه النتائج توصل إليها عددٌ من الباحثين في بعض الدراسات حيث ذكروا أن ما بين 7 إلى 12 ساعة من الواجب المنزلي في الأسبوع تنتج أثراً إيجابياً أكبر وبعد ذلك تتناقص الفائدة. واقترح باحثون آخرون ما مقداره عشر دقائق في الليلة لكل مستوى دراسي، وهذا يعني أن يكون لطلاب المستوى الأول عشر دقائق من الواجب المنزلي في الليلة لجميع المواد بينما يكون لطلاب المستوى الثاني عشرون دقيقة وطلاب المستوى الثالث ثلاثون دقيقة وهكذا..
وقد نبه الباحث غوود بروفي إلى أن كمية الواجب المنزلي المحدد في الليلة الواحدة ينبغي ألا يكون مبالغاً فيها، وهذا بالطبع يتطلب التنسيق فيما بين المعلمين لأن القدر الكبير منها قد يقلل من فعاليتها ويجعلها عديمة الفائدة.
مشاركة الآباء في الواجب المنزلي:
هناك نقطة أخرى تثير الكثير من النقاش وهي المدى الذي ينبغي أن يشارك فيه الآباء في هذه الواجبات، حيث أظهرت بعض الدراسات آثاراً قليلة جداً بل سالبة في بعض الأحايين لمشاركة الآباء في الواجبات المنزلية. وأقر العديد من الآباء بأنهم يساعدون أبناءهم في أداء الواجبات المنزلية رغم أنهم يشعرون بأنهم غير مهيئين لذلك وأن تدخلهم المتلاحق مع أبنائهم كثيراً ما يتسبب في إحداث ضغوط شديدة
وبناءً على سلسلة من الدراسات التي تهدف إلى تحديد الظروف التي يكون فيها لمشاركة الآباء في الواجبات المنزلية أثر إيجابي، تؤيد إيستين وبيكر وفان فورس فكرة الواجب المنزلي التفاعلي التي من ملامحه وخصائصه العامة أن يزود المعلمون أولياء الأمور بخطوط ومبادئ توجيهية عامة واضحة، كدور لهم، وألا يتوقع من الآباء أن يتصرفوا كخبراء فيما يتعلق بالمحتوى الدراسي، وأن يطرح الآباء أسئلة توضيحية تساعد الطلاب على تلخيص ما تعلموه. مثل هذه الأمور تؤدي إلى أن يصبح الطلاب - وآباؤهم - أكثر التصاقاً بالمناقشات التي تتعلق بالمنهج الدراسي وبالتالي توسع من نطاق التعلم لدى الطلاب. علاوة على ذلك من المفترض أن تكون هذه المناقشات حقيقية وليست مجرد مهام رسمية قائمة على الواجبات التعليمية، وأن يشعر كل من الآباء والطلاب أن هذه التجارب ممتعة ولا تشكل هاجساً بالنسبة إليهم.
خلاصة:
ليس من الحكمة أبداً أن نخلص إلى أن الواجب المنزلي يؤدي إلى تدهور التحصيل الطلابي، ولكن ينبغي كما ذكرنا أن تراعى بعض الجوانب المهمة التي منها:
� كلما كان الطالب صغيراً ، حدد له واجباً منزلياً أقل.
� ينبغي ألا يشكل مقدار الواجب المنزلي المحدد عبئاً على الطالب أو ولي الأمر.
� ينبغي أن يكون للواجب المنزلي غرض وهدف تعليمي واضح، وأن يكون لكل وحدة دراسية عدد قليل من الأهداف التعليمية الواضحة، وأن يكون كل واجب منزلي مرتبطاً بشكلٍ مباشر وصريحٍ بتلك الأهداف التعليمية.
� لا ينبغي أن تخصص الواجبات كعقوبة للطالب أو توضع كي تظهر المدرسة نفسها لعامة الجمهور أنها مكان جاد للدراسة.
� ينبغي أن تصمم الواجبات المدرسية بحيث يستطيع الطالب أداءها بشكل مستقل، ونقصد بذلك أن يؤدي الطلاب واجباتهم المنزلية دون مساعدة المعلم أو إشرافه المباشر عليها.
� ينبغي أن تشمل الواجبات المنزلية الآباء وأولياء الأمور بطرق ملائمة، وهذا يعني عملياً أن يزود الآباء بالمبادئ التوجيهية فيما يتعلق بكيفية المساعدة في الواجبات المنزلية..